“والله بيطلع معها”
قبل ست سنين ما كنت بعرف شي برا حدود البيت والمدرسة. كانت هاي الأماكن الوحيدة اللي بعرفها. قبل الحرب كنت إتمنى إطلع مع إخواتي برات هاي الحدود لإكتشف العالم: وهاي تحققت الأمنية، بس هلأ بتمنى لو ما تحققت. رحنا على أماكن كتيرة خلال الحرب، وهلأ كلشي بدي ياه إني إرجع على بيتي بالغوطة.
أكتر شي بتذكره من الحرب بسوريا الجوع بالغوطة: كنا ندبّر حالنا بخبز بايت. كنا نصوم لحتى ما نجوع وحتى نخلّي أكل لإخواتي الصغار. بعد شي بيشبه المجاعة بالغوطة، هربنا على عدرا العمالية، اللي بعدين تحاصرت بعدما وصلنا بشوي. عشنا كلشي: القتل، الجوع، عشرين يوم بدون كهربا ومي…
لما قررنا نروح ع الشام، تصاوب أبي وانجرح بصدره. صار ما بيقدر يشتغل، فأقنعه عمي اللي كان عايش بلبنان إنو يروح لعنده. اعتقلوا أبي ع الحدود السورية، وما عاد سمعنا عنه شي من وقتها. فيه ناس بيقولوا إنو توفى بس لسه مو متأكدين. لما وصلنا ع لبنان عام 2014 عشنا بغرفة عمي نحنا وعيلته.
لما انضميت للعمل للأمل حسيت انو اللي عم يدرّسونا حاسّين فينا… أول شي شاركت بورشة عمل الفيديو، وأخدت دروس عن كتابة القصص وتقنيات التصوير المتعاقب. صورنا فيلمين قصيرين بأول ورشة عمل، وكتبنا قصة عن الصعوبات التي عم تواجهنا بالمدرسة، وعملنا عليها فيلم قصير، بعدين عملنا فيلم قصير تاني فيه تصوير متعاقب سميناه «المشط السحري».
بورشة العمل التانية تعلمت التقنيات الأساسية لتحرير وكتابة السيناريوهات. وآخر شي كتبت سيناريو وصورت وحرّرت الفيلم النهائي للورشة. كان عن الصداقة والحب. بعدين انضميت لورشتين تانيات عن الفيديو، وتعلمت شغلات جديدة عن كتابة السيناريو وإخراج الصوت. بالورشة التالتة والرابعة، كان كل طالب مسؤول عن تخصص واحد: أنا حبيت كون مديرة تصوير أكتر شي.
بعد الورشات انضميت لمدرسة الموسيقى واخترت إتعلم الطبلة.
بعد الانضمام للبرنامجين تغيرت علاقتي مع الآخرين: صرت حس إني أنضج. الكل كان يقول عني ما بعرف شي، بس هلأ لما شافوني عم أخرج أفلام صاروا يقولوا «والله بيطلع معها».
كمان اكتشفت إنو صار فيه شي بحياتي عنجد بدي عيش كرمالو، هو الإخراج. الأفلام الأربعة اللي شاركت بصناعتهن انعرضوا ع جيراننا والكل كان مبسوط. بس مافي شي بيوازي البسط تبع ماما. كل أم بدها تكون بنتها شي مهم، ونحنا كعائلة كنا مفكرين هيك برات إمكاناتنا.
أهم تغير إيجابي صار معي هو إني تعلمت مهارة جديدة وحسيت إني بقدر حقق شي، وهاد كتير منيح. أكتر شي حابّة إعمله هو سيناريو عن قصة بابا. عندي من هلأ خاتمة للفيلم، خاتمة غير اللي صار بالحياة الحقيقية. بتمنى يتحقق هالشي: توصلنا مكالمة منه، أول شي ما نعرف مين هاد الصوت بعدين نفهم إنو هو بالشام ونروح نزوره.
قصة: صفاء مقداح، 16 سنة من الغوطة
النشاط: الفيديو والموسيقى
جمع وإعداد: منى مرعي
التاريخ والمكان: الأحد أيار 7، 2017 | مركز غزة الثقافي – العمل للأمل